مجلة يوريكا!: عن أكبر مخلوقات الأرض وأشياء أخرى


مقدمة


“يوريكا!…يوريكا!”…أي “وجدتها!…وجدتها!” هى الكلمات التي وقعت على أسماع المارة بشوارع مدينة سرقوسة الإغريقية في القرن الثالث قبل الميلاد، قبل أن يتلفتوا حولهم بحثا عن مصدرها، وإذا به رجلا عاريا كما ولدته أمه يُهرول نحو المجهول! أما هذا الرجل فكان الرياضي اليوناني أرشميدس خرج لتوه من حوض الاستحمام متجها نحو منزله بعد أن جاءه الإلهام الذي قاده إلى “قانون الطفو” الشهير بالحمام! ومنذ ذلك الحين ارتبطت صيحة  ”يوريكا!” في أذهان البشر بإثارة الاكتشاف وشرارة الإلهام. في مجلة “يوريكا!” نتلفت بحثا عن صيحات الـ “يوريكا!”..مُسلطين الضوء أسبوعيا على أهم ما تفتقت عنه الأذهان في مجال العلوم والتكنولوجيا…وها هى صيحة “يوريكا!” قادمة من بعيد!


اكتشاف أكبر مخلوق على وجه الأرض


هل يمكن أن يكون ثمة مخلوق أرضي في ضخامة “جودزيلا” مثلا؟ الإجابة هى ربما! حيث اكتشف علماء الحفريات بالأرجنتين بقايا عظام مُتحفّرة من المُعتقد أنها تعود لأضخم ديناصور مشى يوما على وجه الأرض. لقد تم العثور على أحافير الديناصور من قِبل فلاح أرجنتيني بالمصادفة البحتة في صحراء بتاغونيا.


مشهد من فيلم "جودزيلا "1998

مشهد من فيلم “جودزيلا “1998



وخلال عمليات بحث موسعة في موقع الاكتشاف..أزاح علماء الحفريات التراب عن هياكل عظمية مُتحفّرة لـ 7 أفراد من نفس الفصيلة. ويُقدر العلماء عُمر الديناصور المكتشف بنحو 95 إلى 100 مليون سنة أي أنه قد وطأ الأرض قبل انقراض أفراد جنسه بنحو 35 مليون سنة. ويُرجح العلماء أنه كان من النوع المُسالم، مُنتميا إلى فصيلة “تيتانوريكس” آكلة العُشب…وهو الأمر الباعث على الطمأنينة، لأنه بخلاف ذلك كان ليصلح وحشا أسطوريا عائدا إلى الحياة جديرا بمنافسة جودزيلا…نظرا إلى ضخامته كما تلاحظون في الصورة على اليسار!


أحد علماء الحفريات يرقد بجانب عظمة الفخذ التي يُعتقد أنها تعود لأكبر ديناصور على وجه الأرض

أحد علماء الحفريات يرقد بجانب عظمة الفخذ التي يُعتقد أنها تعود لأكبر ديناصور على وجه الأرض



بالنظر إلى طول ومحيط عظمة الفخذ المُكتشَفة..يُقدر علماء الحفريات أن وزن الديناصور قد يصل إلى 77 طِنا أي ما يعادل وزن 14 فيلا إفريقيا، وتجدر الإشارة إلى أن الفيل الإفريقي هو أضخم حيوان أرضي على قيد الحياة!

كما يُقدّر ارتفاعه بنحو 20 مترا وهو ما يوازي ارتفاع مبنى مكون من سبعة طوابق، بينما يبلغ طول جسمه بداية من الرأس وحتى طرف الذيل ما يقرب من 40 مترا أي ما يعادل طول طابور مكون من 6 شاحنات نقل كبيرة. لكن على أية حال ما زال الديناصور المُكتشف بمثابة قزم بالمقارنة بجودزيلا، الذي حرص صانعوه على جعله أكثر مهابة وضخامة في الفيلم الجديد Godzilla 2014 بارتفاع يناهز الـ 100 متر!

المصدر: bbc , iflscience , bbc.co.uk



توليد المادة من الضوء !


أعلن فيزيائيون بريطانيون اكتشافهم لتجربة معملية يمكن من خلالها توليد المادة من الضوء. كي تدرك مدى أهمية العملية الذي يُقدم عليها هؤلاء الفيزيائيين، عليك أن تغير من منظورك…في الزمان والمكان!


image009


الزمان: قبل 13,7 مليار سنة..وتحديدا بعد 100 ثانية من الإنفجار الكبير Big Bang…

المكان: الكون الوليد..حيث لم يكن هنالك أي وجود للمادة! نعم…في هذه المرحلة من طفولة الكون كانت الطاقة هى المُسيطرة وحدها..فقط.

ولكن بطريقة أو بأخرى…تحول هذا الكم الهائل من الطاقة إلى المادة التي نعرفها اليوم بوحدات بناءها الأساسية من ذرات وجزيئات، أما العملية التي أدت إلى هذا التحول فتبقى لغزًا يؤرق العلماء حتى يومنا هذا. فالمادة والطاقة هما وجهان لعملة واحدة، عبّر عنها آينشتين بمعادلته الأشهر E=mc2 التي ربما مررنا بها جميعا ولم نفهم مغزاها.


آينشتاين


تُقر هذه المعادلة بكل بساطة إنه يمكن تحويل المادة إلى طاقة من ناحية…أو العكس بتحويل الطاقة إلى مادة من ناحية أخرى. وكانت تلك المعادلة هى نتاج مباشر للنظرية النسبية الخاصة لآينشتين. ويمكننا أن نرى تلك المعادلة تتحقق في التفاعلات التي تولد الطاقة من الشمس، حيث تقوم الشمس بتحويل 4 مليون طن من مادتها إلى طاقة كل ثانية، وهى المعادلة ذاتها التي بُنيت على قواعدها القنابل النووية.

لكن هل يمكن القيام بهذا الأمر بالعكس…هل يمكن تحويل الطاقة إلى مادة كما حدث عند ميلاد الكون؟ من الناحية النظرية الإجابة هى: نعم…فقد أثبت العالمان جريجوري برايت وجون ويلر في سنة 1934 أنه يمكن القيام بذلك عن طريق سحق إثنين من الفوتونات الضوئية ببعضهما البعض وسوف ينتج عن ذلك إلكترون وبوزترون (مضاد الإلكترون). ومنذ ذلك الحين لم يتمكن الفيزيائيون من إيجاد التقنية المعملية اللازمة لتنفيذ التجربة لإثبات إمكانية تحويل الضوء إلى مادة من الناحية العملية.

…حتى تمكن أخيرا فيزيائيو الكلية الملكية بلندن من عد العُدة اللازمة لتنفيذ فكرة برايت وويلرعمليا وإعادة إحياء معادلة آينشتين من جديد…آملين في نجاح التجربة التي من شأنها أن تفتح آفاقا جديدة في فهمنا لكيفية نشأة الكون.

المصادر: imperial , extremetech



لماذا يكون الزجاج شفافا؟


يغوص بنا الراوي في عمق مادة الزجاج داخل عالم متناهي في الصغر…بداخل عالم الذرة حيث يكمن في تكوينها إجابة ذلك السؤال:



(ملحوظة: تتوفر الترجمة العربية لهذه الفيديو ويمكنك إختيارها عبر الضغط على أيقونة Captions الموجودة بالشريط السفلي لنافذة الفيديو جهة اليمين)




الكلاب تستطيع شم مرض السرطان!


image005


تلعب الكلاب دورا رئيسيا في عمليات البحث والإنقاذ لما تتميز به من حاسة شم فائقة تمكنها على إلتقاط الروائح عن بُعد بل وتمييزها بدقة، حيث تمتلك الكلاب نحو 220 مليون خلية شمية..بالمقارنة بـ50 مليون خلية شمية فقط لدى الإنسان.


وتطويعا لتلك القدرة المُدهشة، استخدم الباحثون كلاب مُدرَبة لاختبار مدى قدرتها على تعرف سرطان البروستاتا في عينات مأخوذة من مجموعة مكونة من 677 شخص! عندما تتشمم الكلاب بحثا عن مرض السرطان فإنها تحاول أن تلتقط بأنوفها المركبات الكيميائية التي تنبعث من الورم السرطاني، وتُدعى بـ “المركبات العُضوية الطيارة VOCs”. وتُوجد تلك المركبات في أنفاس مرضى سرطان الرئة وسرطان القولون كما أنها توجد في بول مرضى سرطان البروستاتا.

ولم تخيب الكلاب آمال الباحثين، فقد نجحت في التّعرف على مرض سرطان بروستاتا بدقة بلغت نسبتها 98%…ولكن لما تبلغ دقتها نسبة 100%؟ ترجع نسبة 98% إلى أنه في بعض الحالات أشارت الكلاب إلى وجود السرطان على الرغم من كون العينات تعود إلى أشخاص غير مصابين بالمرض وهو ما يُطلق عليه الباحثون نتيجة “إيجابية خاطئة False Positive”.


image007

تدريب الكلاب على تمييز روائح المركبات العضوية الطيارة الصادرة عن السرطان



أما الأمر الباعث على الدهشة حقا..هو أنه بالرغم من أن نسبة النتائج الإيجابية الخاطئة البالغة 2% تُعكر صفو النجاح الباهر الذي حققه الباحثون في الكشف عن سرطان البروستاتا باستخدام الكلاب، إلا أنها تبدو غاية في الضآلة بالمقارنة بالنتائج الإيجابية الخاطئة التي قد تصل نسبتها إلى 80% باستخدام اختبار كشف مرض سرطان البروستاتا PSA المعلمي التقليدي!

وتتضافر جهود الكيميائيين والأطباء والفيزيائيين أملا في ابتكار “أنف إلكتروني” يُضاهي الكلاب في مقدرتهم على شم مرض السرطان، بالنظر إلى أن استخدام الكلاب في المستشفيات والعيادات لن يكون أمرا عمليا بالمرة!


المصادر: discovermagazinebloomberg



آفة الصحافة:
comic-1-(1)


إنها آفة الصحافة في كل زمان ومكان…تحريف وفبركة الأقوال والحقائق من أجل إضفاء بهارات التشويق وتوابل الإثارة على الطبخة الصحفية! وهذا الأمر ليس ببعيد عن تغطية أخبار الاكتشافات العلمية، فكم من أخبار قَرأتْ عن اكتشاف علاج نهائي لمرض السرطان؟ أو اكتشاف كويكب ضخم في طريقه إلى محو البشرية؟ أو طفل مُعجزة يتمكن من إثبات خطأ النظرية النسبية لآينشتين؟! عزيزي القارئ..لا تُصدق كل ما ينشر في وسائل الإعلام المختلفة من أخبار علمية..حتى تستوثق من مدى مصداقية المصدر وكون هذا المصدر أولي أم ثانوي.

المصدر: SMBC Comics





ماذا لو كان القمر أكثر قُربا من سطح الأرض؟

image015


يدور القمر حول كوكب الأرض على مسافة 384000 كيلو متر تقريبا، وهو ما يجعله أقرب جسم فلكي إلينا… كما لو كان يقبع في باحتنا الخلفية. لكن ماذا لو كان أكثر قُربا عن ذلك؟ كيف كان سيبدو المشهد فوق رؤوسنا؟


قام أحد المتخصصين بالرسوم المُتحركة على قناة تُدعى “Yeti Dynamics” على اليوتيوب..بالإجابة على ذلك التساؤل الافتراضي، وقد قدم الإجابة في شكل محاكاة رسومية لمشهد شروق القمر وحتى غروبه. في تلك المحاكاة كان القمر على ارتفاع 320 كيلومتر من سطح الأرض وهو الارتفاع الذي تدور عنده المحطة الفضائية الدولية ISS.



كم هو مشهد بديع أجمل من أن يكون حقيقيا! لأنك إذا شهدته يحدث بالفعل…لكنت في عداد الموتى!! إذا كان القمر بهذا القُرب، فإن قوة جاذبيته التي سوف تؤثر على جسمك ستساوي نحو عُشر قوة جاذبية كوكب الأرض عليك، أي أنك سوف تشعر بأنك صرت أخف بنسبة 10%. إلا أنك لن تلبث تستمتع بذلك النقص السحري في وزنك؛ مُوفرا عليك عناء اتباع حمية غذائية صارمة، حتى تُباغتك موجات مد عاتية يقارب ارتفاعها عدة كيلومترات! وإذا تمكنت من النجاة من الغرق “بأعجوبة ما”، فإنك لن تنجو من الزلازل العاتية التي ستجتاح الأرض بسبب تمدد القشرة الأرضية صعودا وهبوطا تحت تأثير قوة المد الكارثية…وهنا تكمن قوة المحاكاة الافتراضية التي لن تكلفك حياتك!

المصدر: slate





إطفاء حرائق الغابات باستخدام…المُفرقعات!


عادة ما يستخدم الإطفائيون المياه كوسيلة رئيسية في مكافحة الحرائق، إلا أن حرائق الغابات تكون سريعة الانتشار ويصعب السيطرة عليها. وهو الأمر الذي دعا إلى فكرة من خارج الصندوق…ماذا يحدث إذا تخلينا عن الطريقة التقليدية في إمطار ألسنة اللهب بالمياه في محاولات مستميتة لمكافحتها…واستبدلناها بالمُفرقعات عوضا عن ذلك؟!


1


هذه ليست نُكتة! يقوم باحثون من جامعة نيو ساوث ويلز الإسترالية بدراسة إمكانية استخدام المُفرقعات في إطفاء حرائق الغابات، قد تبدو فكرة غير حكيمة بالمرة بالنظر إلى ما يمكن أن تقوم به المُفرقعات من زيادة الطين بلّة!

بيد أن الأمر من منظور الباحثين هو ببساطة نفخ شمعة مشتعلة تزين كعكة عيد ميلاد! لطالما استخدمت تلك التقنية في إخماد حرائق آبار البترول بالولايات المتحدة الأمريكية إلا أنها لم تُستخدم من قبل في إطفاء حرائق الغابات.

يعتقد دكتور “جرهام دويج” أن التيار الهوائي المندفع إثر الموجة الصدمية الناشئة عن “انفجار متحكم به” ، من شأنه أن يدفع الشعلة بعيدا عن مصدر الوقود مما يتسبب في إخمادها، يُشبه الأمر نفخ شمعة عيد ميلاد لكن على مقياس أكبر!

شاهد فيديو يُسجل تجربة إستخدام المفرقعات في إخماد النيران:



المصادر: abc , engineering , sciencealert 




 


وإلى هنا ينتهي العدد الأول من مجلة يوريكا!..نتمنى أن تكون قد حازت على إعجابكم. نلقاكم في الأسبوع القادم إن شاء الله.