لم يكن بوبي مور -قائد منتخب انجلترا لعام 1966- يعلم وهو يعتلي منصة التتويج، أن هذه ستكون المرة الوحيدة التي يحظى فيها بكأس العالم. ربما لأن الفريق الإنجليزي لم يعد يرتدي اللون الأحمر بعد ذلك اليوم!
ربما تظن أن الأمر ينطوي على مبالغة، أو طرفة تتندر بها بين الحكايات وأقداح الشاي والقهوة الممزوجة بلون الممازحة. لكن الحقيقة أن للألوان تأثيراً طاغياً على مزاج البشر لا يمكن الاستهانة به.
هل تعلم مثلاً أن لاعبي الفرق الحمراء يحرزون بطولات أكثر من لاعبي الفرق ذوي الألوان الأخرى؟!
حصل فريق بايرن ميونيخ على أعلى البطولات بين الفرق الألمانية برصيد 23 لقب دولي و 16 كأس قاري. كذلك سيطر فريق أياكس أمستردام على بطولات هولندا برصيد 32 لقب دولي و18 كأس قاري، كما حصل فريق ليفربول على كؤوس أوروبية أكثر من أي فريق انجليزي آخر. ولا ننسى بالطبع فريق الأهلي الذي اكتسح بطولات الدوري المصري منذ عام 1924 وحتى اليوم!
اللون الأحمر يبعث الثقة في نفس اللاعب ويلقي الرعب في نفوس لاعبي الفرق المنافسة، الأمر الذي يفسر سيادة اللون الأحمر على الملاعب.
بالطبع لايكون للألوان ذلك التأثير الكبير في حال تقابل فريق قوي مع خصم محدود الإمكانيات، وهو ما يفسر احتفاظ البرازيل مثلاً بأكثر المرات فوزاً بكأس العالم.
أما في حياتنا، فاللون الأحمر يثير العاطفة ويبعث على الفرح، ويملأ الجسد بالطاقة والحيوية. لذا كانت السجادة الحمراء الشهيرة حمراء، وذلك حتى لايقف المدعوون عليها طويلاً وحتى تستمر الحركة وبالتالي يخف الزحام.
ولتأثير الألوان على البشر تأثير يتخطى في كثير من الأحيان حدود المعقول، فمثلاً يتميز اللون الأزرق بخواص مغايرة تماماً للون الأحمر. فالأزرق هو لون السماء والماء وسفير السلام. وهو اللون الذي يحفز الجسم لإفراز مواد كيميائية مهدئة لذا يوصى باستعماله في غرف النوم.
و نجده في مكاتب العمل حيث ثبت أن إنتاجية العمل تزيد حين يكون الموظفون محاطين باللون الأزرق. ومن العجيب أن رافعي الأثقال في الصالات الرياضية ذات اللون الأزرق يمكنهم حمل أثقال أكثر.
على جانب آخر وبينما يبرز الأزرق كواحد من أهم الألوان المؤثرة في مزاج البشر، نجد أنه الأقل إثارة للشهية. فالطعام الأزرق يندر وجوده في الطبيعة، كما أن الإنسان القديم كان يتجنب أثناء رحلة بحثه عن الطعام الغذاء ذي اللون الأزرق أو الأسود أو القرمزي، وهي الألوان التي كانت تثير الريبة واحتمال تسمم الغذاء أو تلفه.
ونأتي للأصفر الذي يبعث في النفس إشراقة الصيف ونسمات البحر وضحكات البشر المتفائلة على شواطيء الابتهاج. وهو لون يثير الانتباه ويسهل تمييزه بين مزيج من الألوان المختلفة، لذا كان اللون السائد لسيارات الأجرة أصفر.
رغم ذلك، لاحظ العلماء أن كثرة اللون الأصفر تثير الأعصاب، بل ويصل الأمر في كثير من الأحيان إلى فقد الناس لأعصابهم. كما ثبت أن الأطفال الرضع يبكون أكثر داخل الغرف الملونة باللون الأصفر.
الخلاصة أن للألوان المختلفة تأثيرات متعددة تؤثر في رؤيتنا لأنفسنا ورؤية الآخرين لنا، ويختلف تأثيرها من شخص لآخر ومن مجتمع لآخر. فبينما لون فستان الزفاف أبيض في بعض المجتمعات كدليل على النقاء والعذرية، نجد أن لون فستان الزفاف في المجتمعات الرعوية باللون الأخضر كدليل على الخصوبة. وهو ما يضفي الكثير من التشويق والإثارة على هذا الموضوع الهام.
ولنا لقاء آخر..