يضجّ الإنترنت منذ أمس بخبر قيام مجموعة من العلماء الأمريكيين بإنتاج أول خلية حيّة بحمض نووي صناعي، وقبل أن يذهب عقلك بعيداً دعنا نتوقف أولاً أمام بعض الحقائق:
أتكون أنا وأنت وكل أشكال الحياة التي نعرفها على الأرض من خلايا حية يعتمد تركيبها ووظيفتها في الجسم على البروتين الذي تنتجه. هذا البروتين يتحدد نوعه من خلال الحمض النووي الذي تمت كتابته بواسطة أربعة عناصر كيميائية يرمز لها بالحروف A ، C ، G و T.
وباختلاف طريقة ترتيب تتابع هذه الحروف يختلف نوع البروتين الذي تنتجه الخلية، وعليه يختلف تكوين ووظيفة الخلية الحية. وهذه الرسمة المبسطة لتوضيح الفقرة السابقة:
ما الذي فعله العلماء إذن؟
قام العلماء بتغيير الحمض النووي لخلية بكتيرية وأضافوا لحمضها النووي عنصرين كيميائيين جديدين هما X وY، فكانت النتيجة أن انقسمت هذه الخلية الحية لتنتج خلية جديدة تحمل هذا الحمض النووي الصناعي الذي يتكون من 6 حروف بدلاً من 4 ، والنتيجة هي خلية حية لا تشبه أي خلية حية على الإطلاق !!
تعني هذه التجربة أن العلماء استطاعوا للمرة الأولى تغيير العناصر الأساسية للحياة التي نعرفها، وتطور خلية حية تستطيع التكاثر وأداء وظائف حيوية باستخدام حمض نووي صناعي !
هذا الأمر لا يعني بالطبع أن العلماء قاموا “بخلق” خلية حية، بل ما قاموا به هو تعديل الحمض النووي لخلية حية واستخدامها لإنتاج خلية حية جديدة بحمض نووي صناعي.
لكن ما الفائدة من ذلك؟
يظن العلماء أن بحثاً كهذا قد يفتح الباب أمام تطوير خلايا حية يمكنها إنتاج بروتينات تستخدم لصناعة مضادات حيوية وعقارات طبية تعتمد على بروتين مصنوع بواسطة هذه الخلايا الحية، لذا قاموا بإنشاء شركة خاصة لتطوير تقنيات تسمح بذلك !!
تم نشر هذا البحث في مجلة Nature وأثار ضجة هائلة بسبب الجوانب العلمية والأخلاقية لبحث كهذا، منها مثلاً أن العلماء يخشون نتيجة إطلاق بكتيريا كهذه إلى الخارج.
ما الذي سيحدث إن دخلت بكتيريا تملك حمضاً نووياً من 6 حروف إلى جسم إنسان أو أي كائن حي حمضه النووي من 4 حروف؟!
يقول العلماء المسؤولون عن البحث أن هذا الأمر إن حدث ستكون نتيجته أن تموت هذه الخلية الصناعية!
الاكتشاف مخيف إلى حد كبير في رأيي. تخيل أن التنوع الهائل في أشكال الحياة التي نعرفها على الأرض يتكون فقط وفقط نتيجة 4 حروف في الحمض النووي، ما الذي يمكن أن يحدث إذا تم العبث بهذا الأساس وإنتاج حمض نووي يتكون من 6 حروف؟!!!
هل تعلم مثلاً أن جسم الإنسان يحوي حوالي 7 مليار مليار مليار ذرة؟
وهو ما يعادل تقريباً 7 مليون ضعف عدد النجوم التي يقدّرها العلماء في الكون المنظور كله !
أتساءل إن كان العلماء يدركون حقاً تأثير تغيير حمض نووي على جسم يضم 7 مليار مليار مليار ذرة !!