في الآونة الأخيرة أصبحنا نسمع كثيراً عن البنايات الخضراء أو العمارة الخضراء، وهي بنايات قد تبدو لنا عادية و لكنها صممت لكي تخدم البيئة أي تحافظ عليها بدلاً من تلويثها.
وقد اقترنت العمارة الخضراء بمفهومين أساسيين هما: التناغم مع البيئة، و ترشيد الطاقة و يمثل مصطلح «العمارة الخضراء» دعوة للتصالح مع البيئة، وما لبثت هذه الدعوة أن تحوَّلت إلى فلسفة و نظرية يتبنّاها المعماريون الخُضر في جميع أنحاء العالم، و من أسسها التعامل مع الظروف المناخية، و ترشيد الطاقة باستخدام الطاقة الخضراء أو الطبيعية و الاعتماد على خامات محلية مخصصة في البناء و البحث عن حلول مناسبة لمشاكل البيئة تتوافق مع الظروف المحلية.
وفي القائمة التالية نتعرف على بنايات خضراء من مختلف بقاع العالم:
10-بناء إيستجيت (هراري، زيمبابوي)
ليس هناك من شك في كون النمل الأبيض يعد من بين أسوأ أعداء المباني ولكنه يمكن أن يكون مصدر إلهام لإعادة التفكير في التدفئة والتبريد وتكييف الهواء، وهذا ما نراه جلياً في مبنى إيست جيت في زيمبابوي حيث اعتمد المهندس المعماري مايكل بيرس في تصميمه لمركز إيست جيت (Eastgate Centre)، في هراري بزيمبابوي على تصميم أكمات النمل الأبيض، إذ تتم تهوية مبنى إيست جيت وتبريده وتدفئته بالكامل باستخدام وسائل طبيعية. ويتكون المبنى من أربعة حوائط حجرية خارجية وبهو داخلي بعلو سبعة طوابق. ويتم سحب الهواء الخارجي إلى الداخل عبر العديد من فتحات التهوية ثم يتم إما تبريده أو تدفئته عبر كتلة المبنى حسب أيهما أكثر سخونة، خرسانة المبنى أم الهواء، وليس هذا فقط فهذا النظام يكلف عُشر تكاليف مكيفات الهواء المعتادة للأبنية، ويستهلك طاقة أقل بنسبة 35% عن ستة مبانٍ تقليدية.
9-قبة الألفية (لندن، المملكة المتحدة)
منشأة معمارية مثيرة للجدل تبدو قبتها كخيمة بيضاء كبيرة ذات 12 برجاً داعماً ، يرمز كل برج لشهر من أشهر السنة أو يرمز إلى ساعة من ساعات النهار بينما يبلغ ارتفاعها من المنتصف 52 متراً بحيث يرمز كل متر لأسبوع من أسابيع السنة، أما من حيث الشكل، فهي دائرية ذات قطر قدره 365 متراً، يمثل كل متر يوماً من أيام السنة، و حوافها صدفية الشكل، و تعتبر إحدى أهم معالم المملكة المتحدة، و يمكن تمييزها بسهولة في الصور التي تلتقط لمدينة لندن من الجو، وقد تضمن مشروع بنائها أيضاً استصلاحاً للأراضي في شبه جزيرة غرينيتش كاملة فقد كانت تلك الأراضي سابقاً مهجورة.
وتعتبر قبة الألفية مثيرة للجدل، فبعد أن اعتبرت إحدى عجائب العصر وصديقة للبيئة أصبحت هذه البناية التي صممها بورو هاوبولد مشكلة و كارثة اقتصادية، حيث أن المواد التي استعملت في تسقيفها و التي تشمل بولي تترافلوروإيثيلين (السليكون، والمعروف باسم تفلون) الذي يولد مركبات تؤذي الأوزون مثل مركبات الكربون الكلورية الفلورية.
8-Jarrold بريدج (نورويتش، المملكة المتحدة)
جسر يتحدى كل القيود أُنشئ لربط منشآت تنموية شيدت حديثاً مع مركز مدينة نورويتش التاريخية، ويشكل معبراً للسائقين والمشاة على حد سواء، وهو يخدم البيئة بأكثر من طريقة واحدة: أولاً، من خلال استخدام تصميم الكابولي الذي يقلل من الاختلال البيئي، ثانياً عن طريق تقليل الحاجة للجسور السيارة التي تكون مكلفة من حيث مواد البناء المستخدمة والتلوث الذي تسببه وأيضاً لكونها تحتل مساحة كبيرة بسبب مداخلها البرية ومخارجها ودعاماتها الرأسية فوق المياه، كما أن جسر جارولد مشيد من الصلب والفولاذ المقاوم للصدأ ولا يتطلب الكثير من الصيانة. أضواء الجسر تضيء الممشى فقط بشكل خافت وليس الماء وذلك لحماية الأسماك والحياة البرية المحلية من وهج متطفل.
7-جناح اليابان لإكسبو 2000 (هانوفر، ألمانيا)
تم تصميم جناح اليابان لمعرض إكسبو العالمي لعام 2000 في هانوفر من قبل شيجيرو بان واحد من مهندسي مركز بومبيدو ميتز. سقف هذا الهيكل تم إنشاؤه من أنابيب ورقية مغطاة بشراع هو نفسه من النسيج والورق مما يسمح للضوء بالمرور، ويصل قطر هذه الأنابيب الورقية إلى 12 سم، وطولها 20 مترا وتزن 100 كلغ وهو بناء من طابقين، يصل طوله إلى 72 متر ويتألف من 80٪ من الورق المعاد تدويره وهو يرمز لدورة الإنتاج والتدمير وإعادة التدوير. قام ببنائه شيغيرو بان، أخصائي البناء من مواد دائمة، وقد تلقى العديد من الجوائز عن هذا المبنى الذي تمكن فيه من الجمع بين المواد الطبيعية وإعادة التدوير والتقنيات الآسيوية التقليدية.
6-توربينات الرياح
ازداد الاهتمام بطاقة الرياح في العقود الأخيرة حتى أنها أصبحت من أهم الطاقات المتجددة منذ 2013، ويعتبر استخراج الطاقة عبر توربينات الهواء من الطرق التي تعتني بتأمين طاقة نظيفة ومتجددة للمنازل والمؤسسات، ولكن للحصول على الرياح التي ستمكننا فعلاً من إنتاج الطاقة يجب أن تصبح هذه التور بينات أفضل لتتمكن من اصطياد الرياح من أي اتجاه وتحويلها إلى طاقة، ويجب وضع أجهزة لتخزين الطاقة بكفاءة وتسليمها بشكل متساوٍ بحيث تتوفر الكهرباء مهما كان اتجاه الرياح والظروف المناخية.
وهناك أمثلة قليلة تكشف أن هذه الصناعة المزدهرة في تقدم مستمر منها شركة WhalePower التي استوحت نماذجها من زعانف الحيتان الحدباء، وأضافت حواف صدفية لريش التوربينات كما أن Windspire للطاقة المتقدمة تمكنت من تصنيع التوربينات التي يمكنها التقاط الرياح من أي اتجاه دون الحاجة إلى قطب، وتستمر هذه الشركات في البحث عن حلول لإنتاج توربينات تكون أكثر كفاءة.
وفي الوقت نفسه، وضعت مجموعة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا نظام تخزين للطاقة المتجددة باستخدام كرة مجوفة تدور أشفارها لتولد جزءاً من القوى الكهربائية التي تقوم بدورها بضخ مياه البحر لدفعه للخروج من الحاويات، وعندما تنعدم الرياح، يتدفق الماء مرة أخرى إلى داخلها وبالتالي تعمل التوربينات لتوليد الكهرباء.
5-شقق ديفيد تشارلز كيلينغ (سان دييغو، كاليفورنيا)
الحرم الجامعي في جامعة سان دييغو في ولاية كاليفورنيا ليس غريباً على الهندسة المعمارية اللافتة للنظر، فإلى جانب مكتبة جيزل الخيالية الشهيرة، يستضيف الحرم الجامعي البالغ من العمر 50 عاماً بناية أكثر حداثة وهي شقق تشارلز ديفيد كيلينغ التي تتميز بأشكالها المستقيمة وزخارفها إضافة إلى كونها من المنشآت الخضراء، حيث استخدم فيها الزجاج بشكل كبير لتحقيق أقصى قدر من الضوء الطبيعي والتركيز على الشمس والظل لتعزيز الراحة.
أشكال البناء توفر التهوية الطبيعية، مما يقلل من استهلاك الطاقة بنسبة 38 في المئة، في حين أن نظام اللوحات والممرات والزجاج تحد من الإشعاع الشمسي، وتشمل المباني أيضاً الخلايا الشمسية ونظام المحافظة على المياه وإعادة استخدامها، ونظام الحد من تدفق المياه وأيضاً إعادة تدوير مياه الصرف الصحي في الموقع والاحتفاظ بمياه الأمطار في أحواض لإعادة استعماله في سقي الغطاء النباتي على أسطح المنازل والشقق.
4-المنزل R128 (شتوتغارت، ألمانيا)
فيرنر سوبيك هو مصمم هذا المنزل أو المأوى الأخضر الذي يخدم البيئة حيث أنه من خامات طبيعية ويمكن تدويره ولا ينتج أي انبعاثات، ويوفر كل الطاقة التي يحتاجها من خلال خلاياه الشمسية. ويتميز بالجدران الزجاجية من جميع الجهات، ويتكون من نوعية عالية من الألواح العازلة الثلاثية، ويمكن تفكيكه قطعة قطعة تماماً مثل أي قطعة أثاث.
إنه بالفعل تحدياً نجح فيه هذا المهندس التقليدي الذي أثبث بفضل هذه المنشأة بأنه مهندساً بيئياً أيضاً.
3-الأقمار الصناعية البيئية الثابتة بالنسبة للأرض
لعبت الأقمار الصناعية البيئية دوراً حيوياً في مراقبة الطقس و المناخ على الأرض منذ بدأت وكالة ناسا أول جيل منها في 16 أكتوبر 1975 ، و أصبح هذا النظام أكثر تقدما مع إطلاق الجيل الثاني، حيث تقوم برصد الأرض معظم الوقت لكشف أسرار الغيوم و الضباب والتيارات البحرية والعواصف والرياح وحتى ذوبان الثلوج، وذلك عن طريق دمج بيانات الاستشعار و جمع معلومات من مجموعة عالمية من محطات جمع البيانات و البالونات و العوامات. وينتظر أن يكون الجيل القادم من هذه الأقمار و المتوقع إطلاقها في عام 2015، أكثر حرفية حيث ستعرف إضافة أدوات جديدة، بما في ذلك مخطط البرق.
2-عوامات PowerBuoy
تقدر التخمينات أن الطاقة القابلة للاسترداد من أمواج المحيطات تصل إلى عشرات أو إلى مئات تيراواط (تريليونات واط) من الطاقة في السنة، ومعرفة طريقة صديقة للبيئة للاستفادة من هذه الأمواج لتوليد الطاقة شكلت حيرة كبيرة للعلماء والباحثين، ولكن في الآونة الأخيرة شهد هذا المجال تغييراً جذرياً وذلك بفضل جهود مثل عوامات Ocean Power Technologies.
و يأتي اسم The PowerBuoy من حجمها الصغير ومبدأها الواضح الذي يقوم على سحب الطاقة الناجمة عن موجات مختلفة، وهناك عدد من PowerBuoys تعمل حالياً في المياه المحيطة بهاواي، كل واحدة تعمل على توليد 0.04 ميغاواط من الطاقة، ولكن العوامات المخطط استخدامها في المياه الاسكتلندية قد تصل إلى 0.15 ميجاواط، و وفقاً للشركة المصنعة فإن هذه العوامات بعد تشكيلها في الشبكات ستتمكن من إنتاج مئات الميجاواط.
1-المركز الفيدرالي الجنوبي (سياتل، واشنطن)
المركز الفيدرالي الجنوبي ليس فقط من مباني المكاتب الأكثر كفاءة في استخدام الطاقة على الصعيد الوطني في أمريكا، و إنما هو أيضاً بناية توفر الضوء و الهواء المتجدد بشكل وفير فهي مصنوعة من الخشب و الزجاج وقد بنيت على مساحة تم استصلاحها. صمم هذا البناء من قبل المهندسين المعماريين ZGF و بنيت من قبل Sellen للبناء ، و قد شيدت بحيث يخترق الضوء جدرانها المكعبة التي تتدلى لتظليل النوافذ، أما الأجزاء الخشبية فقد استخدمت فيها مواد مستصلحة من مستودع في مكان قريب، و للحفاظ على البرودة داخل البناية يمر الهواء الخارجي عبر قنوات الترشيح ليتدفق من خلال الطوابق.