الداروينية ......والتنين المجنح






الداروينية ..والتنين المجنح 



“نظرية التطور وإخضاعها لمبدأ التفنيد Falsifiability” 







في جراجنا تنين  “ 

عنون كارل ساجان Carl Sagan  بابا بهذا الاسم فى كتابه “عالم تسكنه الشياطين” The Demon Haunted World  
(1)


ويستعرض تحته الفرق بين العلم  والزيف ، من خلال مثال فيه يدعي شخص وجود تنين فى جراج بيته
وأول سؤال يمكن أن يطرح على هذا المدعي هو : أرنا التنين ؟
يقودنا الرجل المتحمس الي جراجه ويشير الى الداخل فلا نري سوي سلم وبعض الاغراض المبعثرة
فنسأله : أين التنين ؟
يقول : إنه هنا بالطبع ، لقد فاتني أن اذكر أنه تنين خفي .
هنا يقترح أحد الحضور نثرالدقيق كي نمسك بأثار ذلك التنين الخفي .
فيرد صاحب الجراج قائلا : هذه فكرة جيده لكن الا تعلمون أن هذا التنين مجنح طائر يسبح فى الهواء.

يقول أخر : إذن سوف نستخدم جهاز تحسس يعمل بالاشعة تحت الحمراء كي نتبين السنة النار الخفية
يرد صاحب التنين الخفي قائلا بثقة : لكن هذه النار باردة.



يمكننا أن نرش رذاذ الطلاء فى كل ارجاء الجراج كي نجعل التنين مرئيا، هذا اقتراح آخر يمكنه أن يحل المسألة
يقول صاحب التنين الخفي بغضب: مع الاسف 
… ، هذا التنين غير مادي ولا يلتصق به الطلاء ولا يترك أي أثر.



هكذا يمكن لهذا الرجل الواثق أن يرد علي كل اختبار يتم إقتراحة بمبرر خاص يجعل من هذا الاختبار غير صالح.


وبهذه الطريقة التي تتم بها الإجابة على كل سؤال بالتحايل علي أدلة التفنيد يمكننا القول بأن فرضية  وجود التنين  unfalsifiable ، أي فرضية غير قابلة لإثبات الزيف ولا يمكن أختبار مدى صحتها.


إختبار النظريات وقابليتها للتفنيد :
النظرية العلمية هي مجال من العلم يصف ظاهرة معينة بغرض تفسير كيفية حدوثها وتقديم مجموعة  من التكهنات أو التنبؤات التي يمكن عن طريق تفنيدها وإختبارها تقييم مدي صلاحية هذه النظرية ، ومن ذلك فإن قبول النظرية العلمية  يتوقف على مدي قابليتها للإختبار testability  وقابليتها لإثبات الزيف falsifiability .

ويطلق عليها وصف ”نظرية غير قابلة للتفنيد unfalsifiable ” عند غياب التجارب والاختبارات التي من شأنها  إثبات صحة هذه النظرية من عدمه ، لذلك فإن معيار القابلية لإثبات الزيف وفقا لبوبر وأقرانه هو إظهار الفرق بين ما هو علمي وما هو زائف وترسيم للحدود بينهما، وإختبار النظريات هو مهمة العلماء المختصين بالتعاون مع فلاسفة العلم .

موقف العلم من الداروينية  : 

تشير المراجع الفلسفية المختصة بدراسة العلم أن معظم الاحكام القياسية أساسها فيزيقي ، حيث يمكن معرفة أسباب الظواهر بوضوح لا يشوبه أدني غموض بإستقراء قوانين معينة كالديناميكا الحرارية والجاذبية وامثالها.
لكن فى علم الحياة (البيولوجيا)  تأبى الأمور أن تسير بمثل هذه البساطة الا عند المستوى الخلوي الجزيئى ، وجدوي التكهن لا تكون ملحوظة الا فى مجال البيولوجيا الوظيفية ومستويات أولية تعتمد قوانين التفاعلات البيوكيميايئة .



وبينما يستطيع العلماء إختبار النظريات على أكمل وجه بوساطة التجارب في العلوم العملية  ، نجد أن الامرمختلف فى العلوم التي يستحيل فيها إجراء التجارب ويكون التكهن محدود القيمة فى إختبار فرض معين -كما هو الحال فى العلوم التاريخية  .


وهذا هو حال علماء البيولوجيا منذ أمد بعيد في محاولتهم  للإجابة عن ذلك السؤال حول حدث تاريخي  فريد هو :كيف نشأت ملايين الأنواع الحية  ؟ .

لتقصي هذا الحدث لن يكون بمقدورهم الاعتماد على القوانين الكونية ، ولكن يتوجب عليهم دراسة مجموعة من المشاهدات الاضافية التي قد تساعدهم  فى هذا الشأن ومن ثم يوضع سيناريو تفسيري  يمكن تسميته ”حكاية تاريخية. 

لكنه من غير الممكن التيقن من وقوع  تلك الحكايات التاريخية لأنها غيرمشهودة ، وأفضل ما توصف به فرص التكهن التى قد تتيحها هي أنها إحتمالية probabilistic  وذلك لاستحالة رصد وإختبار ما تتألف منه من أحداث .
واذا لم تكن متيقنا من المفاوضات التي أدت الى إبرام المعاهدة البريطانية المصرية بعام 1936 ، فإن إعادة الحدث التاريخي هو إختبار غير متاح ولايمكننا في مثل هذه الحالة إجراء التجارب ، وإستدعاء المشاركين والشهود لتقدم الاسئلة نوع من الترف لأنهم بعداد الأموات، ولذلك لا يسعنا هنا سوي تقديم التكهنات، ومن ذلك فباب التفنيد مفتوح أمام هذه الحكايات عن طريق الاختبارات المتكررة .


يدرك الباحثون أن الداروينية الحديثة تصنف جملة كنوع من ”الحكايات التاريخية” ،لإستحالة إعادة وقائعها من “البداية” وإخضاع  أحداثها للرقابة والملاحظة المباشرة ، فهي تغطي  فترة عظيمة وغير مشهودة من التاريخ ، وقعت أغلب فصولها قبل وجود الإنسان، وفي أفضل حالتها لا يمكن للداروينية سوي تقديم مجموعة من التكهنات الاحتمالية (غير اليقينية) حول  كيفية نشوء الانواع ،لأنها لن تتمكن  يوما من إعادة أحداث تطوير حيوان ثديي من الزواحف لإثبات صحة الرواية التفسيرية المساقة.   (2)

كيف يختبر العلم نظرية الأصل المشترك : 

في عام 1837 رسم تشارلز داروين  للمرة الأولى فى دفتر ملاحظاته شجرة للحياة من شأنها أن تساعده فى تفسير أصل الأنواع  ، وافترض أن كل الانواع الحية على الأرض قد تحدرت من سلف مشترك ، مرجعا ظاهرة التنوع الاحيائي الهائل الذي نراه اليوم  الى سلسلة طويلة من الانتواعات (speciation)*   تباعدت خلالها الأنساب فيما بينها تدريجيا لتكون تفرعات شجرية من النسل المتمايز  سميت بشجرة النشوء والارتقاء Phylogenetic tree . 






 بحسب النظرة البيولوجية يتكون الكائن الحي من  صورتين متلازمتين فى كيان واحد هما الصورة الخبرية الجينية genotype وتمثل في مكونات الحمض النووي الحامل للمعلومات وهى بدورها المسؤولة عن ترميز  وإنشاء الصورة الاخري المظهرية phenotype .

ولذلك فإن الافتراض الرئيس للداروينية يزعم أن التشابه بين الكائنات الحية المختلفة هو بالضرورة نتيجة الميراث من سلف مشترك ، ويحتم ذلك وجود شجرة ترسم العلاقات التطورية من خلال الاستدلال بالتشابه فى مصفوفات البيانات المورفولوجية (المظهرية) والجزيئية (محاذاة الأحرف الجينية أو متواليات الأحماض الأمينية ببروتينات محددة ) بين الانواع المختلفة .
و
بناءا على مدى التقارب بتلك المصفوفات يتم تسكين هذة الانواع على شجرة الانساب المفترضة ليمثل الجد أو السلف المشترك الجذع الذي يتفرع منه أغصان شجرية تمثل النسل حيث تتموضع المجموعات ذات الصلة الوثيقة على على مسافات متقاربة من بعضها البعض ، وتبعد المسافات بين الانواع على شجرة الانساب هذه مع تباعد القرابة بينهاعلى غرار شجرة العائلة.




تنبؤات خائبة 
 يشرح بوبرمن خلال عرضة لسمات النظرية العلمية : أنه من السهولة بمكان أن نتحصل على براهين وإثباتات لكل النظريات تقريبًا  إذا كنا نتطلع لمثل هذه الإثباتات ، لكنها تظل بلا قيمة ما لم تكن متوافقة مع مجموعة من التنبؤات المجازفة التي تنير بصيرتنا في المستقبل لنتائج متوافقة .
ولذلك 
 يتوجب على الداروينية أن تضع مجموعة من التنبؤات الخاصة القابلة
 لإثبات الزيف والإختبار يمكن عن طريق تفنيدها تقديم نوع من الصلاحية لهذا الزعم والبرهنة على صحته. 

ومن ذلك فإن بناء شجرة إنتساب تصطف خلالها الأنواع الحية في تراتب من المجموعات الهرمية المتداخلة  تدريجيا بالإستناد إلى مدى  التشابه بينها كان بمثابة الكأس المقدسة التي طالما حلم انصار التطور بامتلاكها ويمكن إعتبارها التنبؤ الرئيس لنظرية الأصل المشترك وكما تذكر مجلة newscientist ، فإن مفهوم شجرة الحياة كان مركزيا لفكرة داروين ،علي نفس قدر أهمية الانتقاء الطبيعي ، ووفقا لعالم الاحياء فورد دولتيل W. Ford Doolittle ‘ فإنه بدون شجرة الحياة يمكن أن نعتبر نظرية التطور لا وجود لها .


 ”The tree-of-life concept was absolutely central to Darwin’s thinking, equal in importance to natural selection, according to biologist W. Ford Doolittle of Dalhousie University in Halifax, Nova Scotia, Canada. Without it the theory
(3)
of evolution would never have happened.

ويخبر Peter Atkins بجامعة  اكسفورد في كتابه “إصبع غاليليو ..Galileo’s Finger ” 

بأن : “التنبؤ الفعال يحتم إتساق تفاصيل التطور الجزيئي مع التطورالمظهري”
“The effective prediction is that thedetails of molecular evolution must be consistent with those ofmacroscopic evolution.


   (4)
لكن هذا التنبؤ كان مجرد ترف لم يتحقق قط ، فالكأس المقدسة على حد تعبير Eric Bapteste  باتت مجرد سراب بعدما كان يعتقد أنها قريبة من متناول اليد وفي تعليقه على نتاج عقود من البحث عن شجرة الأنساب قال أنه :“لزمن طويل كان بناء شجرة للحياة بمثابة الكأس المقدسة . ولكننا لا نمتلك أية أدلة على أن شجرة الحياة حقيقية.”
“For a long time the holy grail was to build a tree of life. We have no evidence at all that the tree of life is a reality.”
وأضأف Bapteste  : في الحاضر، يرقد مشروع (شجرة الحياة) فى حالة يرثي لها ممزقا الي اشلاء بفعل هجمة من الادلة السلبية ، وكثير من العلماء اليوم يجادلون بان مفهوم شجرة الحياة عفا عليه الزمن ونحتاج الي التخلص منه “



 today the project lies in tatters, torn to pieces by an onslaught of negative evidence. Many biologists now argue that the tree concept is obsolete and needs to be discarded.
 (5



بدأت المشاكل في التراكم في وقت مبكر بداية من تسعينيات القرن العشرين مع تقدم وسائل المقاربة وتوسع رقعة البيانات المرصودة ولاحت بالأفق بوادر خيبة أمل حول تحقيق هذا التنبؤ المحوري للداروينية.
ففي تقرير نشربعام 1993 بمعرفة الاقران المختصين خلص الي البيان التالي :

“عقد علم التشكل (الموفولوجيا ) آمالا عريضة على البيولوجيا الجزيئية، ولكن نهاية تطلعاتنا كانت محبطة . فالتوافق بين اشجار التطور الجزيئية  بعيد المنال كما هو الحال في الموفولوجيا ، وكما هو الحال بين الاشجار الجزيئية والمورفولوجية”

“As morphologists with high hopes of molecular systematics, we end this survey with our hopes dampened. Congruence between molecular phylogenies is as elusive as it is in morphology and as it is between molecules and  morphology.
 
(6

 وتوالت بعد ذلك الخيبات عبرعشرات التقاريرالعلمية رفيعة المستوى التي تخبرعن تناقضات فادحة خلال المقاربات الفيلوجينية  لبناء العلاقات التطورية بين الانواع المختلفة ، ولم يثبت مرور الوقت الا تفاقم الأشكالية أكثر من السابق حتي خلص تقرير لجامعة كامبردج بعام 2012 لنتائج أكثرإحباطا ولخص بعضا من تلك المشاكل : 


“لقد أصبح التعارض بشجرة النشوء والتطور مشكلة  أكثر حدة مع ظهور المزيد من  البيانات على  نطاق الجينوم”
“Phylogenetic conflict has become a more acute problem with the
advent of genomescale data sets.”

“سار التناقض بين اشجار التطور المستمدة من البيانات المورفولوجية مقابل التحليلات الجزيئية  بمختلف المجموعات الفرعية  يزداد  انتشارا كلما توسع حجم  البيانات  في كافة الأنواع
 ”.
“Incongruence between phylogenies derived from morphological versus molecular analyses, and between trees based on different subsets of molecular sequences has become pervasive as datasets have expanded rapidly in both characters and species.”
“التضارب والتعارض فى شجرة النشوء والتطور  هو الحدث الشائع ،  القاعدة وليس الاستثناء. “
“Phylogenetic conflict is common, and frequently the norm rather than the exception.”
(7)


 وبعدما بات التعارض داخل مصفوفات الأشجارالفيلوجينية “phylogenies” الجزيئية والمورفولوجية وبينها أمرا مسلما به وعلى نطاق واسع ، كان من المنتظر أن يؤدي هذا الي الاعتراف بفشل تنبؤات الدراوينية حول شجرة الحياة وبالتالي دفع الشكوك حول صلاحية النموذج التطوري برمته لتفسير تاريخ وأصل الانواع ، لكن كما سنرى فإن هذا لم يحدث طالما تم اللجوء لبعض الحيل.





الشكل1: شجرة الحياة كما تتنبأ بها الداروينية 







شكل :2


الشكل 2: “غابة متشابكة يصعب اختراقها “، كما رسمها  فورد دوليتل ، عالم الأحياء بجامعة دالهوزي ، كندا.
(8)


الفرضيات الاضافية  :


 وكأننا نتابع مشهدا دراميا من وحى الخيال بطله فيلسوف العلم  كارل بوبر يجلس في ركن قريب يراقب عن كثب المسار التاريخي للنظرية الداروينية الحديثة ويدون ملاحظاته ليتخدها مثالا عمليا يحتذى به لتعريف العلم الزائف حين يقر في معايير ضبط النظرية العلمية هذا الوصف :


  • ( بعض النظريات القابلة للاختبار ، يصر أنصارها والمعجبون بها على التمسك بها حتي حينما  يثبت الإختبار أنها كاذبة ، وذلك عن طريق وضع إفتراضات إضافيه مساعدة وإعادة تفسير النظرية بما يوافق النتائج الجديدة للهروب من خضوعها التفنيد. ومثل هذا الإجراء ممكن دائما، ولكن كل ما يمكنه تقديمه هو إنقاذ النظرية من عملية التفنيد والإختبارعلى حساب تدمير حالتها العلمية. (أي تحويلها لنظرية غير قابلة للإختبار)


    • Some genuinely testable theories, when found to be false, are still upheld by their admirers—for example by introducing ad hoc some auxiliary assumption, or by reinterpreting the theory ad hoc in such a way that it escapes refutation. Such a procedure is always possible, but it rescues the theory from refutation only at the
      price of destroying, or at least lowering, its scientific status
      (9)



بعد اصطدامها بنتائج واضحة تفند تنبؤاتها وتثبت عدم جدواها لتفسير التنوع الحيوي ، أرغمت  الداروينية على أن تحذو حذو صاحب التنين المجنح الخفي ، و لجأ أنصارها لوضع بعض المبررات و الفرضيات الإضافية لانقاذها من الهلاك ، وبسبب ذلك أصبحت النظرية غير قابلة للتفنيد وإثبات الزيف ،ولم يكن أمام مسعفي الداروينية خيارا آخر .

 فقد كانت المفاضلة بين خيار فشل توقعاتها وخيارتحويلها الي مجموعة من الفرضيات غير القابلة للتفنيد بمثابة المفاضلة بين بقاء جسدها تحت أدوات الانعاش بسبب الموت سريريا ، كحل وحيد أو ترك هذا الجسد ليصنف مباشرة فى عداد الميت بيولوجيا.



علي سبيل المثال لا الحصر، تفترض الداروينية أن السمات المشتركة بين الانواع  هو نتاج تحدرها من سلف مشترك يحمل نفس السمات.فيما عرف بالتنادد homologous. وعلية يمكننا أن نتنبأ بتوزيع مصفوفات هذا التشابه بشكل هرمي متداخل سلس خلال شجرة حياة تمثل العائلة والقرابة . لكن على عكس التوقعات المأمولة ترصد المشاهدات الفعلية من خلال الفحص الفيلوجيني إنتشارا واسعا  لسمات مشتركة بين أنواع متباينة وبعيدة الصلة على أغصان شجرة الانساب بصورة يستحيل معها إرجاع هذا التشابه الي فرضية التوارث من سلف ، فبينما كان من المتوقع أن نجد الحصان هو الاقرب من الابقار والمجترات الاخري جزيئيا بسبب التشابه التشريحي والوظيفي والسلوكي بينهما ، تخرج دراسات نشرتها وقائع الاكاديمية الوطنية للعلوم   لتؤكد بأن الحصان أقرب وراثيا  للخفاش منه للابقار والاغنام ، ليصنع معضله عصية على الحل حول تناقض سمات التشريح والمورفولوجية مع السمات الجزيئية، (10)

وفي موقع أخر تتساءل ناشيونال جيوغرافيك  تحت عنوان  How a quarter of the cow genome came from snakes  كيف انتقل ربع جينوم الثعابين الي الابقار “
 حين تلاحظ على نحو غير مسبوق وجود تشابه فب أكثر من ربع جينوم الثعابين التي تنتمي الى  الزواحف مع  جينوم الابقار التي تنتمي لفئة مختلفة تماما هي الثدييات لتتناقض بشدة مع أشجار القرابة المزعومة وتنبؤات السلف المشترك ، وكالعادة لم تعدم الداروينية من اختلاق المبررات والفرضيات الاضافية حتى لو بدت غير منطقية  لتضع  مسؤولية هذا التناقض على كاهل بقة (حشرة) صغيرة مسكينة  زاعمين  انها نقلت هذه الجينات تكرارية النسخ المسماة بالترانسبوزونات transposons  نقلا افقيا Horizontal gene transfer  والذي يعني نقل المورثات افقيا بين الانواع بطرق شبيهة بالعدوي وليس رأسيا بطريق التوارث من السلف المشترك ، ومثل هذا الحدث شائع فى بدائيات النواة لكن لا يوجد أي سند علمي لإمكانية حدوثه في الكائنات الراقية أو مسؤوليته عن مثل هذه التطورات كما بالسناريو السابق والتي قامت فيه البقة بنقل الجين القافز من الزواحف الي سلف قريب للابقارعن طريق  العدوى بسبب إمتصاصها للدماء من كلاهما . (11)
وعلى صعيد آخرينتشر كم هائل من التناقضات بشجرة الانساب مع توسع رقعة الرصد داخل جينومات الانواع  الحية كما تقر مجلة الطبيعة nature.  وتضرب لنا مثالا محيرا حول تطابق أكثرمن مائتي منطقه فى كلا من جينوم الخفاش والدولفين وإستحالة مسؤولية السلف مشترك عن ذلك ، لتعزي ذلك التشابه الي فرضية إضافية أخرى سميت بالتطور التقاربي convergent evolution والتى تزعم أن السمات المشتركة بين تلك الانواع لم تكن متوارثه من سلف مشترك، بل أتت نتاج لتطور كلا النوعين بطريقة متقاربة وبشكل مستقل . (12)




 شجرة الحياة… وفرضية التنين :



 تحولت الفرضية الاساسية حول شجرة الانساب بفعل هذه المسوغات والتبريرات الاضافية  الى فرضية غير قابلة للاختبار والتفنيد unfalsifiable  وافشلت الاختبار الوحيد المتاح لتفنيدها وهو الاعتماد على التشابه بين الانواع . وبعبارة أخري يمكننا القول أن التطور يعتمد التشابه بين مورثات الانواع المختلفة كدليل على تحدر هذه الانواع منسلف مشترك إن كان متوافقا داخل شجرة الحياة التي تم اختلاقها ، وفي نفس الوقت فإن التشابه في المورثات بين الانواع التي لا تتوافق داخل تلك الشجرة يمكن تخطية بالقول إنه نتاج تطور تقاربي convergent evolution. أو نقل جينات أفقى Horizontal gene transfer  ومن ذلك يمكن القول بإطمئنان أن شجرة الانساب ليست علما بل إحتيال مجرد .
النظرية —–> التنبؤ  —–> فشل التنبؤ—–> فرضية إضافية —–> نظرية غير قابلة للإختبار unfalsifiable

خلاصة القول :
يمكننا وصف نظرية التطور بالهدف المتحرك.  فمع كل اكتشاف يناقضها ، يتم نقلها بعيدا عن مرماه بحيث يمكن دفن الاكتشاف أو التحايل عليه .
 
لم يثبت العلم يوما أن نظرية التطور صحيحة ؛ وكل ما فعله هو إعادة  تعريف نظرية التطور لتوائم الاكتشافات العلمية الحديثة ، فالعلم يعدل باستمرار نظرية التطور لتتناسب مع البيانات الجديدة.  ومن ثم يدعي  أن تلك البيانات تناسب نظرية التطور.




لكن هذا ليس علما ، بل خدعة بهلوانية متخمة بالعبثية .
أو كما نطلق عليها بتسمية قد لا تروق للبعض
 (تنين العلم المجنح )


 evolution is not a fact, it’s a philosophy. The materialism comes first (a priori), and the evidence is interpreted in light of that unchangeable philosophical commitment



“التطور ليس حقيقة ،انه فلسفة



يأتي المذهب المادي فى المقام الاول كمقدمة بديهة ، ومن ثم يتم تفسير الادلة فى ضوء هذا الالتزام الفلسفي الغير قابل للتغيير”

 دكتور Richard Lewontin عالم الوراثة بجامعة هارفاد  (13)







_____________________________________________________________________________________________

الهوامش :
* : 
(الانتواع  speciation الية داروينية مسؤولة عن ظهورأنواع جديدة من المخلوقات الحية بواسطة التطور)



____________________________


المصادر : 


(1)


the demon haunted world – carl sagan ,The Dragon in My Garage>p165




http://skylyte.opendrive.com/files/M18xMDY3ODU5MV9GQjhmd18yM2Y2/The%20Demon-Haunted%20World%20by%20Carl%20Sagan.pdf

(2)
Ernst Mayr, “This Is Biology: The Science of the Living World”, Harvard University Press, 1998


(3)


(Why Darwin was wrong about the tree of life,” New Scientist (January 21, 2009).
http://www.newscientist.com/article/mg20126921.600-why-darwin-was-wrong-about-the-tree-of-life.html


4)

 Peter Atkins, Galileo’s Finger: The Ten Great Ideas of Science, pg. 16  (Oxford University Press, 2003).

5- 


“(Why Darwin was wrong about the tree of life,” New Scientist (January 21, 2009).
http://www.newscientist.com/article/mg20126921.600-why-darwin-was-wrong-about-the-tree-of-life.html
6- 



Patterson et al., “Congruence between Molecular and Morphological Phylogenies,” Annual Review of Ecology and Systematics, Vol. 24: 179 (Nov. 


24, 1993).








7-

http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3573643/



 (Liliana M. Dávalos, Andrea L. Cirranello, Jonathan H. Geisler, and Nancy B. Simmons, “Understanding Phylogenetic Incongruence: Lessons from Phyllostomid Bats,” Biological Reviews of the Cambridge Philosophical Society, Vol. 87: 991-1024 (2012).)

8-




http://www.theguardian.com/science/2009/jan/26/charles-darwin-dna


9-

Popper, Karl (1963), Conjectures and Refutations, Routledge and Kegan Paul, London, UK. Reprinted in Theodore Schick (ed., 2000), Readings in the Philosophy of Science, Mayfield Publishing Company, Mountain View, Calif.

10-


http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC147986
11 -
،http://phenomena.nationalgeographic.com/2013/01/01/how-a-quarter-of-the-cow-genome-came-from-snakes/


12-
http://www.nature.com/news/convergent-evolution-seen-in-hundreds-of-genes-1.13679   

13-


Phillip E. Johnson, Defeating Darwinism by Opening Minds, InterVarsity Press, Illionis, 1997, p.








LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...