النجوم الأوّلية
يبدأ الأمر بولادة النّجم وتكوّنه ككرةٍ من الغاز والغبار الكونيّ الّتي تجمعها الجاذبيّة في جسم غازيّ كبير في إحدى السُّدم Nebula حيثُ تولد النّجوم، ثم تصبح الكرة الغازيّة أكثر كثافة وأكثر سخونة وتبدأ عملية الاندماج النووي Nuclear Fusion الّتي يتحوّل فيها الهيدروجين إلى الهيليوم ويَنتج عن ذلك طاقةٌ هائلة. يُطلق على النّجم الوَليد في هذه المرحلة نجمًا أوّليًّا Protostar، يستغرق النّجم ملايين السنين في هذه المرحلة قبل أن ينتقل إلى المرحلة التّالية. إذا كانت كتلة النّجم الوَليد 8% من كتلة الشّمس فإنه سيصبح قزمًا بنيًّا Brown Dwarf يتميّز بكتلةٍ منخفضةٍ نسبيًّا مما يصعّب تحفيز عمليّة الاندماج النوويّ. تُظهر الصّورة السّابقة المراحل الّتي تمرّ بها النّجوم وما يقابلها من مراحل حياة الإنسان.
نجوم المتوالية الرّئيسة
يُطلق على النّجوم في المرحلة الثّانية من حياتها بنجوم المُتوالية الرّئيسة Main Sequence، وهي أطول فترات دورة حياة النّجوم، وتُعتبر معظم نجوم المجرّة من نجوم المتوالية الرّئيسة. تشهد هذه المرحلة توليد الطّاقة والحرارة في لبّ النّجم بسبب الاندماج النووي، ويتغير حجم النّجم تغيّرًا طفيفًا ما دام الهيدروجين متوفّرًا.
تتراوح كتل النّجوم بين حواليّ 8% من كتلة الشّمس، وهي أصغر الكتل المُمكنة للنّجوم، وقد تكون كتلتها أكبر من الشّمس بـ200 مرّة. تُعتبر شمسنا من النّجوم المتوالية الرّئيسة، وقد استغرقت نحو 10 ملايين سنةٍ حتّى تصل إلى هذه المرحلة، وهي تشع منذ حوالي 5 مليارات سنة، وستنتهي حياتها بعد قرابة 5 مليارات سنةٍ أخرى. يمكن للنّجوم المماثلة لشمسنا بالكتلة أن تستمر 10 مليارات سنةٍ في هذه المرحلة.
تعتمد فترة بقاء النّجم في هذه المرحلة على كتلته، فكلّما زادت الكتلة زاد معدّل الاندماج النووي وقلّت مدّة هذه المرحلة. النّجوم التي تبلغ كتلتها عشرة أضعاف كتلة شمسنا ستبقى 20 مليون سنة في هذه المرحلة فقط، أما النّجوم التي تبلغ كتلتها نصف كتلة الشمس، والّتي تُعرف بالأقزام الحمراء Red Dwarf، يُمكن أن تبقى في هذه المرحلة بين 80 و100 مليار سنة.
النّجوم العملاقة والنّجوم الفائقة
بعد أن تنفد جميع ذرات الهيدروجين في لبّ النّجم، ويتوقّف النّجم عن توليد الطّاقة عبر الاندماج النّووي، يدخل النّجم المرحلة الثّالثة من دورة حياته ويبدأ لبّه بالتّقلّص ويتمدّد غلافه الجوي المُكوّن بمعظمه من الهيدروجين ليصبح عملاقًا أحمرًا Red Giant. تكون درجة حرارة لب النّجم مرتفعة جدًّا مما يؤدي إلى اندماج ذرات الهيليوم وتكوين الكربون. يُمكن للعمالقة الحمراء أن تكون أكبر من الشّمس بعشرات المرات، ويمكن للعملاق الأحمر أن يتمدّد ويُصبح عملاقًا فائقًا Supergiant والّتي تكون أكبر حجمًا من الشّمس بمئات المرّات. توضّح الصّورة السّابقة حجم نجم الدّبران Aldebran الّذي أصبح عملاقًا أحمرًا مقارنةً بالشّمس.
تعتمد المراحل التّالية من حياة النّجم على كتلته، فالّنجوم الّتي لديها نفس كتلة الشّمس أو أصغر تصبح أقزامًا بيضاء، أما إن كانت كتلتها أكبر فيمكن لها أن تنفجر بشدّة لتصبح متجدّدًا أعظمًا أو نجمًا نيوترونيًّا أو نبّاضًا إشعاعيًّا أو حتّى ثقوبًا سوداء.
الأقزام البيضاء
يُطلق على النّجم الّذي له نفس كتلة الأرض أو أصغر في المرحلة الرّابعة والأخيرة من حياته اسم القزم الأبيض White Dwarf، وهو المركز المتبقّي من نجمٍ أقدم بعد أن انفصل غلافه الجوي عنه. يؤدّي انفصال الغلاف الجوي إلى تكوّن سديم كوكبي Planetary Nebula وهو عبارةٌ عن غيمةٍ من غاز الهيدروجين والغبار والبلازما، وعلى عكس ما يشير الاسم، ليس لها أية علاقةٍ بالكواكب ويتوقّع أن يكون هذا مصير الشّمس. لا يُمكن للقزم الأبيض توليد الطّاقة عبر الاندماج النووي، ولكنه يبقى مشعًّا لمليارات السّنين قبل أن ينطفئ نوره ويصبح قزمًا أسودًا Black Dwarf. في الصّورة السّابقة، يظهر سديم عين القط Cat’s Eye Nebula، ويظهر في المنتصف النّجم المُتداعي الّذي أصبح قزمًا أبيضًا بعد أن رمى طبقته الخارجيّة إلى الفضاء.
عندما يصبح لبّ نجمٍ بحجم الشّمس قزمًا أبيضًا بحجم الأرض، يكون القزم الأبيض أكثف بكثير من كوكبنا. يمكن لملعقة واحدة من المادّة المكوّنة للقزم الأبيض أن تزن أطنانًا على الأرض.
المتجدّدات العُظمى
تستنفد النّجوم الضّخمة الهيدروجين أسرع من النجوم الصّغيرة كالشّمس، حيث أنها تعيش لملايين السّنين فقط، فهي لا تعمر طويلًا مقارنةً بالنّجوم الأصغر حجمًا. قد تنفجر النّجوم الضّخمة في نهاية حياتها مع وميضٍ كبيرٍ ساطعٍ راميةً طبقاتها الخارجيّة في الفضاء في ما يسمى المتجدّد الأعظم Supernova. قد يكون الانفجار هائلًا لدرجة أنّه يكون أكثر سطوعًا من مجرّةٍ برمّتها لعدّة أيّام.
متجدّد كيبلر الأعظم Kepler’s Supernova الّذي حدث في مجرّة درب التّبّانة، كان أوّل متجدّدٍ أعظمٍ يُرى بالعين المجرّدة منذ قرابة 400 سنة، وتحديدًا عام 1604، وقد بقي ظاهرًا للعيان على مدى ثلاثة أسابيع. وقد شهد العلماء متجددًا أعظمًا آخر في عام 1987 أُطلق عليه 1987A، يميّزه أنّه ثاني متجدّدٍ أعظمٍ يُرى بالعين المجرّدة منذ حدث عام 1604. تُظهر الصّورة أعلاه السّطوع الشّديد للمتجدّد الأعظم 1987A مقارنةً بسطوع النّجم قبل انفجاره.
عند حدوث المتجدّدات العظمى فإنّه تتكوّن نجومٌ نيوترونيّةٌ أو ثقوبٌ سوداء. إذا كانت كتلة اللّب النّاجي بين 1.5 و3 أضعاف كتلة الشّمس، فإنّ النّاتج سيكون نجمًا نيوترونيًّا، أمّا إذا كانت الكتلة أكبر من ذلك فإنّ النّاتج سيكون ثقبًا أسودًا.
النّجوم النيوترونية والنّبّاضات الإشعاعية
بعد حدوث المتجدّد الأعظم، تنشأ النّجوم النيوترونية Neutron Star الّتي تتكوّن بمعظمها من النيوترونات بعد أن تلتحم الإلكترونات والبروتونات. تمتاز النّجوم النيوترونية بالكثافة، ويبلغ قطر النّجوم النيوترونية المثاليّة 20 كم وكتلتها أكبر من كتلة الشّمس بثلاث مرّات. إذا زادت كتلة النّجم عن هذا فإنّ جاذبيّته ستزداد بشكلٍ هائلٍ وسيتحوّل النّجم النيوترونيّ إلى ثقبٍ أسود. أما النّبّاضات الإشعاعيّة Pulsar فهي نجومٌ نيوترونيّة تدور حول نفسها بسرعةٍ عاليةٍ تصل إلى دورةٍ كلّ ما بين 0.3 إلى ثانيةٍ واحدةٍ وتطلق حزمًا ضوئيّةً وراديويّةً يكتشفها الفلكيّون على الأرض باستخدام التّلسكوبات الراديويّة.
الثّقوب السّوداء
أمّا إذا بلغت كتلة النّجم المُتداعي ثلاثة أمثال كتلة الشّمس، فإنّ النجم قد يتقلّص أكثر بسبب الجاذبيّة مكوّنًا ثقبًا أسودًا Black Hole، الجاذبيّة الّتي لا يستطيع شيءٌ الإفلات منها، لدرجة أنّ الضوء لا يستطيع الإفلات منها. يصعب تحديد مواقع الثّقوب السوداء لأنّها لا تصدر ضوءًا. يستطيع العلماء تحديد الثقوب السوداء باستخدام أشعة X عندما تجذب غبار وغازات النجوم.
توضّح الصّورة التّالية دورة حياة النّجوم، مظهرةً الفرق بين دورة حياة النّجوم العملاقة على اليمين، ودورة حياة النّجوم الصّغيرة على اليسار، ويُلاحظ قصر حياة النّجوم العملاقة مقارنةً بالنّجوم الصّغيرة.
والآن عندما تنظر لتلك النقاط اللامعة التي تزين سمائنا .. هل ستراها بشكل مختلف؟