الدافع هو شيء بالغ الأهمية والذي يمكّننا من تحقيق أي شيء في الحياة، وبينما يمكن للبالغين تجاوز عدم وجود حافز يدفعهم للقيام بشيء معين، يجد الأطفال صعوبة كبيرة في الحصول على مصدر إلهام، وبينما يقلق الآباء عندما يحصل أولادهم على علامات ضعيفة لأنهم يعلمون أنهم يستطيعون بذل مجهود أكبر والحصول على علامات أفضل لضمان وظيفة جيدة ومستقبل مشرق، نجد أن الأطفال لا يكترثون لهذه الأمور ولا يبذلون أدنى مجهود، بل أن البعض منهم لا يهتم بالدراسة.
من ناحية أخرى، الأطفال عادة تحركهم أشياء أخرى مختلفة تمامًا، فقد يتحمس ابنك عندما يتعلق الأمر بالإلكترونيات أو الرسم أو أي شيء آخر غير الدراسة، رغم أنهم يعلمون أن نجاحهم مرتبط بالتقدم الذي يحرزونه في كافة المواد، وفيما يلي نلقي نظرة على نصائح عن كيفية تحفيز طفلك على التعلم بشكل أفضل.
1- إقامة علاقة ودية ومفتوحة مع طفلك
يجب أن يكون الآباء أكثر الأشخاص تأثيرًا على أطفالهم، لكن للأسف، كثير من الآباء يلجؤون إلى استخدام التهديد والعقاب والتلاعب من أجل التأثير على أبنائهم. ولكن هذه الأساليب لن تعطي أي نتيجة وبالتأكيد ستفسد علاقتك معهم، ومهما كنت غاضبًا أو محبطًا لا يمكنك إظهار هذه العواطف، ولكن حاول أن تفهم أن طفلك ليس سيئًا ولا يفعل شيئًا فقط ليثير غضبك، ولذلك لابد من فتح حوار مع طفلك وذلك بطرح الأسئلة والتحدث عن الأمور التي تهمه، فهذا يجعل الطفل يثق بك ويمكنه أن يشاركك أفكاره دون خوف من التعرض للانتقاد والعقاب، كما أن الأطفال لديهم فضول كبير ويمكنهم أن يجدوا الدافع بسهولة عندما يفهمون أن هناك شيئًا له معنى أو مهم.
2-دمج الألعاب في الدراسة
هذه الحيلة مهمة جدًّا مع الأطفال الصغار، فهم يتعبون ويملون بسرعة وغالبًا ما يجدون صعوبة في التركيز على مهمة معينة لأكثر من 10-15 دقيقة. لهذا السبب يجب عليك التفكير في طريقة يمكنك بها استعادة تركيز طفلك وانتباهه، وبعض الألوان وأوراق الرسم أو كمبيوتر محمول مع بعض الشخصيات الكرتونية لن يشغل طفلك ولكنه يوفر الاسترخاء من وقت لآخر.
ممارسة القراءة المثيرة مع طفلك، هو أسهل طريقة للحصول على مشاركة طفلك في القصة وجعله يحب القصص، وهناك طريقة أخرى لدمج الألعاب في عملية دراسة طفلك وهي رسوم وعروض باور بوينت، فمن المعروف أن التصور يعزز الحفظ والتركيز، كما أن الصغار يقبلون المعلومات بشكل أسهل عندما يشاهدونها وبالتالي يجب عليك استخدام الرسوم التوضيحية قدر الإمكان، وهناك أنواع مختلفة من أساليب التعلم الترفيهية والتي تعزز الرغبة في التعلم لدى الطفل.
3-التركيز على نقاط القوة
من الصعب أن يكون الإنسان مثاليًّا في كل شيء حتى بالنسبة للبالغين، ناهيك عن الأطفال، وبالتالي فإنه سيكون من الذكاء التركيز على نقاط القوة عند طفلك وتشجيع مواهبه.
قال ألبرت أينشتاين ذات مرة كلمات مشرقة عن الدراسة “كل شخص عبقري. ولكن إذا حكمت على سمكة من خلال قدرتها على تسلق شجرة، فسوف تعيش حياتها كلها معتقدة أنها غبية”.
إذا كان طفلك جيدًا في الرياضيات، فهناك احتمال بأنه سوف يصبح متخصصًا من الدرجة الأولى في هذا المجال، كما أن درجات عالية في الأدب لن تساعده في أن يصبح طبيبًا، من ناحية أخرى، لا يمكنك تقبل علامات سيئة في التخصصات الأخرى، والتركيز فقط على المواد أو التخصصات التي يحبها طفلك، لابد له أن يبذل جهدًا في كل المواد حتى تلك التي لا يحبها، كما لا يجب لوم الطفل على فشله.
4-تقدير إنجازات طفلك
بينما يعتقد العديد من المتخصصين أن المكافآت هي دافع كاذب لأن هناك احتمال بأن الطفل سوف يعمل من أجل الجائزة فقط، يدعي آخرون أن الجوائز أو الامتيازات المادية هامة ومفيدة. على أي حال، الكبار لا يذهبون إلى وظائفهم بسبب شعورهم بالراحة هناك، فنحن نعلم أن الحصول على راتب هو الدافع الأول بالنسبة لنا!
إذا أدرك الطفل أن الدراسة بحد ذاتها مهمة فهذا مثالي، ولكن بعض المكافآت الإضافية ستساعده على بذل مجهود أكبر في المدرسة، وبالتالي فالوسطية هنا مطلوبة، حيث يمكنك بين الحين والآخر إعطاء طفلك ساعة إضافية من لعب ألعاب الكمبيوتر، ويمكنك أن تكتفي مرة أخرى بالثناء عليه ومدح مجهوده.
5-التدقيق في شخصية طفلك
يحتاج الأطفال إلى مقاربات مختلفة، لهذا السبب لا تشعر بخيبة أمل إذا نجحت تقنية تحفيزية معينة مع الطفل الأكبر سنًّا ولكنها فشلت مع آخر أصغر، ولذلك عليك أن تكون مُلِمًّا بكل التفاصيل عن شخصية طفلك ومزاجه، فعلى سبيل المثال، الطفل الانطوائي يحتاج إلى نهج مختلف تمامًا عن النهج الذي يمكن استخدامه مع الطفل المنفتح، فهذا الأخير يشعر بالراحة ويمكنه التركيز رغم صخب ونشاط أشقائه في مكان قريب، بينما الطفل الانطوائي سوف يجد صعوبة في التركيز إلا إذا تواجد في مكان هادئ بعيدًا عن أي شيء يشغله، كما يجب أيضا إيلاء الاهتمام للفترة التي يكون فيها طفلك أكثر حيوية وبهجة، ولا يمكنك إجبار الطفل على القيام بواجباته المدرسية بمجرد وصوله إلى المنزل، فهو على الأرجح يحتاج ساعة أو ساعتين من الراحة أو النوم.
يمكن للتنظيم الجيد لمكان العمل والوقت أيضا أن يكون عاملا محفزا، فلابد من التاكد بأن مكتب دراسة طفلك مريح، و مضاء بما يكفي، و إذا كان مكان العمل مليئا بالألعاب و المواد الغذائية وغيرها من الأوراق و الفوضى،فإن الطفل لن ينجز أبدا واجبه المنزلي و بالتالي من المهم أن تقوم بإزالة كل هذه الفوضى ، و هناك عامل مهم آخر يمكن أن يحفز طفلك و هو إدارة الوقت ، ففي كل يوم يجب أن يكون لدى طفلك الوقت الكافي للقيام بواجباته المدرسية، والقراءة، والأنشطة في الهواء الطلق و الترفيه و غيرها، و إذا كان طفلك لا يستطيع التعامل مع جميع المهام دفعة واحدة، فربما عليك التفكير في تقسيم الواجبات المنزلية إلى عدة أجزاء مع فواصل صغيرة ، و عندما يتعلق الأمر بالمشاريع الطويلة الأجل فيمكنك الاستفادة من تقويم جداري كبير،و الحرص على مساعدة طفلك في تحديد ما يمكن أن يقوم به كل يوم ، و هكذا فإن هذا الروتين سيجعل طفلك منظما و منضبطا.
7-التحدث مع المعلم
الحفاظ على علاقة جيدة مع معلم طفلك مهم أيضًا، كما أن المشاركة في اجتماعات الآباء والمعلمين ضرورية، ولكن يمكنك أيضًا تحديد موعد خاص مع أستاذه لمناقشة القضايا التي تزعجك، وسيكون لديك فرصة للاطلاع على أعمال طفلك والتحدث عن سلوكه ودرجاته ووتيرة تقدمه والواجبات المنزلية.
عندما يكون الأطفال غير مهتمين بالدراسة فعادة ما يطلب المعلمون أسئلة إضافية عن عاداتهم وأهمية الدراسة لهم، كل هذه الأسئلة من شأنها أن تساعدهم على العثور على النهج اللازم لطفلك ومنحه مساعدة إضافية، ولابد من الاهتمام أيضًا بدراسة غيره من الطلاب وخاصة من أصدقاء طفلك، فربما هو تحت تأثير غير مرغوب فيه من بعض الأطفال وهذا هو السبب في علاماته المنخفضة. وعندما يلاحظ طفلك اهتمامك بمدرسته وأصدقائه فمن الأرجح أنه سيلجأ إليك كلما كان لديه مشكلة، حيث أن الأطفال يقدّرون دائمًا مشاركة آبائهم وقلقهم عليهم.
8-الترفيه السليم
مشاركة الأطفال في الأنشطة الرياضية أو الألعاب الإبداعية تجعله يطور مهارات وقدرات جديدة، والشعور بالهدف والانضباط واحترام الذات، كما أن الأطفال النشطاء جسديًّا عادة ما تكون دوافعهم محددة ولديهم شعور جيد بالعمل الجماعي والتفكير الإيجابي، وإذا تمكنتم من قضاء بعض الوقت معًا، عليك محاولة قضائه بطريقة مثيرة للاهتمام وغير مألوفة، فالسفر مثلًا يعزز روح المغامرة والشغف لتعلم أشياء جديدة وكذلك الفضول، وإذا اخترت البقاء في المنزل لمشاهدة الأفلام، فعليك اختيار الأفلام الوثائقية، لأن الأطفال متحمسون لتعلم شيء جديد عن العالم، كما أن الألعاب التنموية هي طريقة رائعة للمعرفة.
9-الانخراط في الحياة المدرسية لطفلك
عندما يرى الأطفال أن الآباء يشاركون في حياتهم المدرسية فإنهم يصبحون أكثر حرصًا على تبادل الخبرات اليومية، حيث أن شراكة معقولة بين الآباء والمعلمين مهمة جدًّا لتقدم الأطفال في دراستهم بشكل جيد، كما أن التطوع في الفصول الدراسية على أساس أسبوعي أيضًا يجعلك أقرب إلى طفلك، ويمكنك المساهمة في حصة الكمبيوتر، أو الفنون والحرف اليدوية أو فئات القراءة جنبًا إلى جنب مع الآباء الآخرين، وتقديم المساعدة عندما تنظم المدرسة المناسبات الخاصة.
10-الحفاظ على الهدوء والتفاؤل
عندما يحصل الطفل على نتائج سيئة في دراسته فإن معظم الآباء يتصورون أن مستقبله غير مؤكد، ولكن كون طفلك قلقًا بشأن لعب ألعاب الكمبيوتر وقضاء الوقت مع الأصدقاء لا يعني أنه لن ينجح في الحياة، وبالتالي فإن مخاوفك وقلقك غير مفهوم، ولكن إذا كنت تركز انتباهك على الأشياء السلبية فقط، فإنك حتمًا لن ترى غيرها، وبدلًا من ذلك، حاول تعزيز الصفات التي يتميز بها طفلك، فربما ابنك مفيد، طيب القلب أو من محبي الحيوانات.
التخلي عن السيطرة والاستراتيجيات الجزائية لأنها في الأساس سلوكيّات كارثية وغير مجدية. حاول تسمية خمس ميزات إيجابية يتمتع بها طفلك وسوف تجد أن ابنك لديه الكثير لتفخر به!
على أي حال، لا يمكن أن تتنبأ بالمستقبل أو بمصير طفلك ومن الأفضل أن تكف عن قلقك، وتذكّر أن الحياة لا تدور فقط حول التعليم والدرجات، فبصرف النظر عن الدراسة فإن طفلك لديه العديد من الأنشطة الأخرى للاستمتاع مثل قضاء الوقت مع الأصدقاء واللعب والأنشطة العائلية والتطوع. وبدلًا من الكفاح والتركيز على مدى تقدم طفلك يمكنك مساعدته في التنشئة الاجتماعية وعلى أن يصبح مواطنًا مسؤولًا، وفهمه وقبوله كما هو.