قد يكون لكل منا طقوسه الخاصة لحماية نفسه عند الجلوس على مقعد المرحاض، خاصة لو كان مرحاضًا عامًّا. لا تقلق، فبحسب الإحصائيات 50% من البشر في الولايات الأمريكية وحدها يشاركونك هذا الخوف ويرفضون استخدام المراحيض العامة، ولا يجب أن نعتبر هذا الأمر مبالغة خاصة عندما نتعرف على الكائنات الخطيرة التي تتجول في تلك المراحيض وما تمثله من خطر على صحتنا.
في كل بوصة مربعة من مقعد المرحاض سنجد أكثر من 50 نوع من البكتيريا، وهو رقم متوسط قد يزيد وقد يقل بحسب الحالة، ولكنك قد تتفاجأ إذا أخبرتك أنه ليس كبيرًا لهذه الدرجة، فأجزاء أخرى من منزلك تحتوي على أضعاف هذا الرقم من البكتيريا. على سبيل المثال، اسفنجة المطبخ التي نستخدمها لغسل الأطباق تحتوي على 10 ملايين بكتيريا في كل بوصة مربعة أي أنها أقذر من مقعد المرحاض بـ200 ألف مرة ولذلك فهي تحمل لقب أقذر شيء في المنزل وفقًا لدراسة تثبت ذلك. لوح تقطيع الطعام ومقابض الأبواب وغيرها من الأشياء المنتشرة في المنزل من المواطن المفضلة للجراثيم ولكننا بصدد تسليط الضوء اليوم على المرحاض نظرًا لخطورة الجراثيم التي تجوس خلاله.
عند زيارتك لمرحاض عام توقع أن تجد الجراثيم والفيروسات الجنسية أولًا فهي تنتقل بمجرد اللمس عبر الجلد مثل بكتيريا الكلاميديا وفيروس الهربس ولكن يمكنك أن تتنفس الصعداء فهذه الجراثيم تموت سريعًا بمجرد انتقالها لمقعد المرحاض البارد ولكن هذا لا ينطبق على كافة الجراثيم. ومازالت هناك مجموعة لا يستهان بها من الجراثيم التي يمكن أن تنتقل إليك عبر ذلك العرش الخزفي إذا جلست عليه في ظروف مناسبة. [1 2 3]
هذه البكتيريا جزء أساسي من الإمبراطورية البكتيرية التي تعيش في جسم الإنسان منذ مولده وحتّى مماته، وهي تساهم بدور فعّال في عملية الهضم ولكن بعض سلالاتها قد تفرز سمومًا تتسبب في حدوث عسر للهضم وآلام في المعدة. تنتقل هذه البكتيريا عبر البراز، فهو تذكرة الخروج الوحيدة لها من جسم الإنسان، وعندما نتحدث عن المراحيض فأنت في المكان المناسب تمامًا للإصابة بهذه البكتيريا.
عند حدوث العدوى بهذه البكتيريا عن طريق الطعام أو الشراب الملوث بهذه البكتيريا أو عن طريق الانتقال المباشر من فم الإنسان بأية وسيلة ملوثة أخرى، يحدث إسهال شديد وقد يكون داميًا بالإضافة لتقلصات وتشنجات في المعدة وتقيؤ مستمر.
فيروسات الجهاز الهضمي أيضًا التي يشار إليها باسم norovirus يمكن أن تتسبب في آلم شديدة في المعدة، وتنتقل بسهولة من شخص لآخر عبر التلامس المباشر أو عبر وسائل أخرى مثل المراحيض وأي أسطح مسامية أخرى. وقد تبقى هذه الفيروسات على قيد الحياة في المرحاض لمدة تصل إلى أسبوعين منتظرة فريستها. [1 2]
تنتقل بكتيريا Shigella بسهولة بين الناس، خاصة إذا كنت من الذين لا يقومون بغسل أيديهم أو لو كنت من الـ95% من الناس الذين لا يغسلون أيديهم بشكل صحيح. تتسبب هذه البكتيريا في الإصابة بمرض يعرف باسم shigellosis ومرض آخر يطلق عليه dysentery حيث يحدث للمصاب إسهال دموي وتقلصات مؤلمة في المعدة عند إصابة هذه البكتيريا لها، وقد يستمر الألم لعدة أسابيع ويتطور لمرحلة الوباء، وقد تبقى فرصة العدوى بهذه البكتيريا سانحة لعدة أسابيع بعد الإصابة بها.
والمصدر الأساسي لهذه البكتيريا أيضًا هو الأسطح الملوثة بالبراز، حيث تكمن هذه البكتيريا بكثرة، ومن أبرز هذه الأسطح بالطبع مقعد المرحاض والمقابض وغيرها من الأجزاء التي يتعرض لها الإنسان باللمس، ويمكن انتقالها أيضًا عبر الأطعمة والمشروبات الملوثة من قبل شخص لم يهتم بنظافته بشكل سليم. في الولايات المتحدة الامريكية وحدها هناك أكثر من 14 ألف حالة مصابة بهذه البكتيريا سنويًّا. [1 2 3]
هذه البكتيريا من الأنواع الشائعة والمتواجدة في حلق الإنسان وهي مسؤولة عن حدوث الاحتقان وعن النزلات الشعبية التي تحدث لنا باستمرار، وقد تسبب هذه البكتيريا في حدوث إصابات معدية للجلد أيضًا منها القوباء، وهو طفح جلدي يصيب الأطفال صغار السن والرضع، وهي مسؤولة أيضًا عن مرض خطير جدًّا يطلق عليه necrotizing fasciitis أو التهاب اللفافة الناخر حيث يتسبب هذا المرض في تآكل لحم المصاب، والخبر السيء هو أن 39% من مقاعد المراحيض حول العالم تزخر بهذه الكائنات المقيتة.
أمّا الخبر السار فهو أنه من غير المرجح أن تصاب بهذه البكتيريا “آكلة اللحم” بسهولة فانتقالها إليك ليس بهذه البساطة وخاصة أنها ليست منتشرة بكثرة بين الناس. [1 2 3]
ما يميز هذه البكتيريا حقًّا والتي تعرف اختصاراً بـMRSA هو قدرتها على البقاء على قيد الحياه في أصعب الظروف، فهي قادرة على البقاء حتى فوق الأسطح غير المسامية مثل مقعد المرحاض مثلا لمدة قد تصل إلى شهرين، والمبهر أيضًا أن انتقالها من ذلك المقعد لجلدك يتطلب ثلاث ثوانٍ فقط لا أكثر.
ذكرت هذه البكتيريا مسبقًا في المقال الذي تحدثت فيه عن الجراثيم الموجودة في الهواتف الذكية ومن المرجح أن تنتقل لك هذه البكتيريا عن طريق الهاتف الذكي أكثر من إمكانية انتقالها إليك عبر مقعد المرحاض، لأن أكثر من نصف الهواتف الذكية حول العالم تقريبًا تحمل هذه البكتيريا على أسطحها. [1 2 3]
تستطيع الفيروسات في العادة أن تبقى على قيد الحياة لمدة يومين أو ثلاثة على الأسطح غير المسامية مثل هاتفك الشخصي وجهاز التحكم في التلفاز وسطح المكتب والأرضيات وبالطبع محور حديثنا اليوم، مقعد المرحاض. بعض هذه الفيروسات قد تعيش لفترات أطول بكثير مثل النوع السابق مثلًا وفيروس إنفلونزا الطيور الذي يبقى على قيد الحياة لأسابيع منتظرًا إياك لتجلس على ذلك المقعد وتأخذه معك.
أمّا فيروس البرد الشائع فهو أقل تهديدً لصحتك وبالرغم من إمكانية انتقاله إليك عبر مقعد المرحاض، إلا أن معظم الفيروسات الأنفية لا تزيد فترة بقائها على الأسطح الصلبة غير المسامية أكثر من يوم واحد. ولكن ما يزيد احتمالية انتقالها فعلًا أن هذه الفيروسات لا تعتمد على اللمس المباشر فقط للانتقال من شخص لآخر، ويمكنها الاعتماد على أوساط أخرى لتتمكن من ذلك. [1 2 3]
بالرغم من الانتشار الكبير للجراثيم في المراحيض والخطورة التي تمثلها على صحتنا إلا أنه باتباع إرشادات النظافة العامة يمكننا تجنب هذه المخاطر بكل بساطة، يجب الحرص على تنظيف المرحاض بالمنظفات الخاصة باستمرار ويجب تنظيفه مرة أخرى بواسطة المستحضرات الكحولية قبل استخدامه كل مرة لضمان التخلص من هذه الجراثيم تمامًا.